نشرة أخبار مختلفة - ريا

نشرة أخبار مختلفة

نشرة أخبار مختلفة

بعض نشرات الأخبار لا تبدأ في وقت محدد، بل في موقف محدد. ما إن تعود إلى البيت وتجلس على طاولة الغداء، أو تجلس لتناول القهوة أو الشاي حتى تبدأ نشرة الأخبار، يبدأها أحد الصغار بنشرة لأهم المشكلات التي حدثت في المدرسة، ثم يليه الآخر، حتى أن الصغير ذو السنتين والنصف يحاول أن يبتكر بعض المشكلات أسوة بإخوانه. لست أدري إن كنت الوحيد الذي لديه مثل هذا النوع من نشرات الأخبار أم أنها موجودة في بيوت أخرى!

 

مؤخراً، وقبل أن تبدأ نشرة الأخبار، صرت أبدأ بسؤال للأولاد: “ما هو أفضل شيء حدث معكم في المدرسة اليوم؟”، في بداية الأمر، كانوا يتوقفون طويلاً قبل الإجابة، يبدو أن الدماغ لم يتعوّد على التفكير بهذه الطريقة في هذا الموقف. ثم بعد مدة صرنا نسمع بعض الأخبار الجميلة في البداية قبل أن تنهمر أخبار المشكلات.

 

كنت أتساءل، هل يمكن أن تحتوي نشرة الأخبار على مزيد من الإيجابية، مثلاً، مشكلات وحلول أو محاولات للوصول إلى حلول من جهة الأولاد؟ “بابا، حصة التاريخ مملة، كدت أنام، تحدثت إلى فريق الحلول الإبداعية لإيجاد حل لهذه المشكلة، سنبدأ العمل قريباً؟”

“بابا، كرسي المدرسة مزعج والكثير من زملائي يشتكون، سنحاول وفريق الحلول الإبداعية أن نفهم المشكلة أكثر ونوجد تصميماً جديداً يجعلنا نشعر بالراحة والسعادة”.

 

الغياب، التأخر الصباحي، إهمال الواجبات، الكذب، السلوك العدواني، رمي المخلفات أو الأوراق والكتابة على الجدران، السلوك المنافي لآداب المجتمع، … هي عينة من مشكلات موجودة في المدارس بشكل عام، وهناك جهود كبيرة مشكورة تُبذل لحلها، لكن ماذا لو جعلنا الطلاب ومن خلال منهجية معينة يساهمون في إيجاد حلول إبداعية لهذه المشكلات وغيرها.

 

يخطئ من يعتقد أن الصغار لا يستطيعون مواجهة المشكلات وإيجاد الحلول الإبداعية لها. بينما كانت الحكومة الأمريكية تعمل جاهدة لتخفيف تكاليف طباعة الورق، وتبحث بشتى السبل عن أفكار إبداعية لذلك، جاء صبي في الرابعة عشرة من عمره اسمه (ميرشانداني) بفكرة بسيطة للغاية، اقترح أن يتم تغيير نوع الخط المستخدم في المراسلات الحكومية من Times New Roman إلى Garamond. حيث اكتشف أن هذا التغيير البسيط، والذي لا يشكّل إلا فارقاً بسيطاً جداً في شكل الخط كما تشاهدون، سيقلل من استهلاك الحبر في الطباعة بنسبة 24%. وبالفعل، تم تطبيق الفكرة لتوفّر على الحكومة الأمريكية مبلغ 394 مليون دولاراً (أي ما يعادل مليار و477 مليون ريال سعودي).

 

يحتاج الطلاب إلى ثلاثة أمور أساسية حتى يبتكروا ويوجدوا حلولاً إبداعية للمشكلات التي يرونها حولهم:

  • طريقة التفكير الابتكارية (Innovative Mindset)
  • أدوات وخطوات واضحة (Process & Tools)
  • بيئة داعمة (Culture)

إن بناء القدرة على الابتكار لدى الصغار له أثر كبير عليهم وعلى أهليهم ومدارسهم ومجتمعهم ووطنهم. ولهذا فإن من أهم ما يميز نظام التعليم في سنغافورة وهو أحد أفضل أنظمة التعليم في العالم أنهم يدربون الطلاب على مهارات إيجاد الحلول الإبداعية للمشكلات التي يرونها حولهم.

 

أتوق لنشرة أخبار أسمع فيها ابني يوماً يقول: “بابا، جاءنا أستاذ جديد اليوم، يقول إنه سيدربنا على الابتكار، وقال شيئاً غريباً، يقول إن المشكلات قد تكون مفيدة! كيف تكون المشكلات مفيدة يا بابا؟”

يجب أن تكون مسجلا لإضافة التعليقات
تسجيل